وصية التقوى وصية الله للأمم والخلق أجمعين فاتقوا الله في السر والعلن , واحرصوا على أداء الفرائض والسنن , واعلموا أن السماحة مظهرٌ من مظاهر تقوى الله في القلوب لأنها إذا سكنت في القلب ظهرت آثارها في السلوك , وهذه الخصلة من الخصال العظيمة التي بفطرة الناس يحبونها ويقدرونها , حتى قالت العرب : " من عادة الكريم إذا قدر غفر , وإذا رأى زلةً ستر " .
هكذا سمت الكريم , وهكذا كانت أقاويل الناس في هذا كما في المثل القائل السماح الرباح , كن سمحاً تربح , كن سمحاً مع الناس تربح مودتهم , كن سمحاً في بيعك وشرائك يبارك لك في رزقك , كن سمحاً في كل عملٍ تعمله سترى أن نفسك تطيب وقلبك يطمئن وأنك حينئذٍ تنشط للعمل وتزداد فيه بأمر أكثر وأكثر ..
ومن لطائف ما ورد في السنة حديث رواه الحاكم في مستدركه من حديث موسى ابن طلحة ابن عبيد الله عن امرأة أم أباه , جاءها خطاب كثر منهم عمر بن الخطاب ومنهم علي بن أبي طالب فلم تقبل بهم ثم جاءها طلحة ابن عبيد الله فقالت ذاك زوجي حقاً فلما سئلت وصفته بهذه الأوصاف - ولعلي أقولها بهدوءٍ وربما أكررها عل كل واحدٍ يحرص أن يكون هو صاحب هذا الوصف - قالت : " هذا هو زوجي حقاً , إن دخل دخل ضاحكاً , وإن خرج خرج بساماً , وإن سألت أعطى , وإن سكت ابتدأ , وإن عملت شكر , وإن أذنبت غفر " .
فهل فينا من يكون كذلك لأهله , هل فينا من يكون هذه السماحة التي وصفتها امرأة من جيل الصحابة رضوان الله عليهم , ورأت في بعض أصحاب النبي أنهم دون هذا الذي تريده في هذه السمة المعينة على وجه الخصوص فقالت قولتها , إن دخل دخل ضاحكاً , وإن خرج خرج بساماً , وكثيراً ما ندخل عابسين ونخرج مقطنين , وقالت إن سألت أعطى , وإن سكت ابتدأ , وكثيرٌ منا قد يكون إذا سألت منع وإذا تكلمت قمع وأخيراً قالت إن عملت شكر , وكم تعمل الزوجات من طعام وشرابٍ وغسيل ثيابٍ ورعاية أبناءٍ ثم لا تكاد تحظى بكلمة شكرٍ فإن قصرت قليلاً الثبور وعظائم الأمور والنذر والشرور , وإن أذنبت غفر , هذه سمةٌ جميلةٌ مهمة لماذا لأنها تتحدث عن عشرة يومية ولقاء في والصباح والمساء , والأمر يطول ..
ولعل لنا أحاديث أخرى , نفصل فيها السماحة بين الأزواج , والسماحة مع الأبناء , والسماحة مع المسلمين أجمعين , والسماحة مع من يخالفنا من المسلمين , في صور كثيرة وأمثلة عديدة , زخرت بها نصوصنا الشرعية , وسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم , وصفحات تاريخنا , عل القلوب تلين , والألسن تخرج الكلمات الطيبة فالابتسامة صدقة والكلمة الطيبة صدقة , فضلا عن الإحسان والإكرام ..
نسأل الله عز وجل أن يديم الود والحب فيما بيننا وأن يؤلف بين قلوبنا , وأن يجعلنا ممن يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم , وممن يسعون دائماً بالسماحة واليسر واللين والقرب مع إخوانهم جميعاً ...
- المرفقات
- 000.gif
- لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
- (31 Ko) عدد مرات التنزيل 0