الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين، أما بعد:
ها هو العد التنازلي لأيام السنة يأخذ مجراه، وصفحات تقويم العام باتت تتناقص؛ لتزف للدنيا بعد أيام معدودات حلول ضيف عزيز احتل في قلب العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه؛ المقام الأسمى، والمحل الأجل؛ "إنه شهر رمضان".
ولا شك أن همم الموحدين تدعوهم للتعرض لنفحات الشهر ونسماته، وتسارع بهم إلى نيل فوائده وهباته، فدعونا نستعرض ثمة مقترحات قبل دخول الشهر علينا نحسبها من أعظم السند على استغلاله خير الاستغلال، وما من أمر يعطيه المرء جل تفكيره، ويوليه اهتمامه؛ إلا حظي منه بثمار يانعة، ونتائج مبهرة، وهذا ما نرجوه من شهر الرحمات والغفران، فإليك هذه المقترحات قبل أن يدلف علينا شهر الله المبارك، والتي أرجو من وراء طرحها أن تجعل من رمضانك هذا العام رمضاناً آخر تطيب له الأنفاس، وتجيش فيه المشاعر، فعشها بقلبك، وحلِّق معنا في عالم الفكرة، واجعلها تمتزج بروحك؛ عساها أن توصلك إلى المحلة السامية، والمنقبة العالية، فمن ذلك:
أولاً: التهيئة الإيمانية: وتتمثل في الآتي:
1- اقتناء المصحف الذي يحوي في طياته تفسير الكلمات، والوقوف على أسباب النزول.
2- سماع الأشرطة الروحانية التي تصب مادتها في استغلال هذا الشهر الفضيل.
3- مطالعة كلام أهل العلم فيما يتعلق باغتنام سيد الشهور الاغتنام الأمثل، وقراءة سير الصالحين سلفاً وخلفاً إذا حلَّ برحابهم رمضان؛ لتعيش النفس شحنة إيمانية، ودفعة ربانية؛ تحلق بعدها في فضاء العبودية، وتقف بها على شاطئ الافتقار والذلة أيام الشهر المبارك.
4- تعويد النفس على صيام أيام شهر شعبان؛ وقد ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان"1، والحكمة كما يقول أهل العلم: "أن تعتاد النفس وتتوطن على صيام شهر رمضان المبارك".
ثانياً: تفعيل عنصر التخطيط:
أ/ التخطيط للنفس: ويتم عبر إعداد مفكرة بالأعمال الروحانية المتمثلة في التالي:
- قراءة الكتب النافعة في التفسير والحديث، والسيرة والآداب.
- تغليب وقت تلاوة القرآن على غيره فالشهر شهر القرآن.
- الاستماع للأشرطة الإيمانية والروحانية المؤثرة، وإعداد قائمة بأسمائها وأوقات سماعها.
- حضور الدروس بعد الصلوات في المسجد.
- تخصيص مصلى في المنزل لصلاة النوافل، والخلوات بالنفس.
ب/ التخطيط للبيت والأسرة:
- عقد جلسة يومية مع أفراد الأسرة للحديث عن رمضان وفضله وأحكامه، وكذا القراءة من كتاب معين.
- شراء الأشرطة والمطويات والكتب النافعة التي تستفيد منها الأسرة عادة.
- الاتصال بالمشايخ والدعاة المؤثرين، وترتيب لقاءات معهم، وحضور مجالسهم ومحاضراتهم.
- عمل المسابقات المتنوعة للعائلة "عامة، حفظ أحاديث، أكثر قراءة"، وتخصيص ميزانية تحفيزية للمتفاعلين.
- تحديد أوقات معينة لمشاهدة الفضائيات محددة بالبرامج، ونوعية هذه الفضائيات.
- توزيع الأدوار بين أهل البيت في الخدمة، حتى تجد المرأة حظها في برامج العبادة.
- تنسيق برامج الزيارات والاستضافات الرمضانية مع الأهل، والجيران، والأصدقاء، وتعيين أوقات للترويح والترفيه.
- تجهيز المنزل بما يتطلبه من مأكولات ومشروبات؛ بشرط عدم الإسراف.
- المشاركة في إعداد الطبق اليومي ولو كان شيئاً يسيراً يهدى لوجبة تفطير الصائمين في المسجد.
ج/ التخطيط للأعمال التطوعية ومن ذلك:
- المشاركة في مشروع إفطار الصائم في الحي بشكل أو بآخر.
- تخصيص جزء من الميزانية للأعمال الدعوية "توزيع أشرطة، مطويات، كتيبات، ملصقات...".
لافتات الختام:
· لا بد من إعداد مذكرة بقائمة المشتروات، والمبادرة بالانتهاء منها قبل أن يلوح في الأفق هلال رمضان.
· يفضل أن يتم السير في البرامج المقترحة وفق جداول تخطيط تحوي جميع المهام والأعمال بدراسة متأنية وواضحة، منطلقة من القدرات والطاقات؛ ليؤتي التخطيط ثماره.
· المقترحات قابلة للإضافة والتعليق والاستدراك، فإذا وجدت شيئاً أغفلناه فلا بأس أن تضيفه، ونحن لك شاكرين.
نسال الله أن يبلغنا رمضان، وأن يوفقنا فيه للصيام والقيام، وتلاوة القرآن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 رواه البخاري في كتاب الصوم باب صوم شعبان برقم (1868)، ومسلم في كتاب الصيام باب صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير رمضان، واستحباب أن لا يخلي شهراً عن صوم برقم (782).
منقول ---