موضوع: حياة الراحل أحمد بن بلة الأحد أبريل 15 2012, 22:03
بن بلة الطفل
في الخامس و العشرون من شهر ديسمبر لعام 1916 أنجبت مدينة مغنية ابنها البار أحمد بن بلة وسط أسرة من أبوين و سبعة أطفال بنتان و خمسة ذكور، و بمدرسة البلدة درس و هو في عمر 11، ثم إنتقل إلى تلمسان ليواصل الدراسة في المرحلة الإعدادية في سن 14 و بإنتقاله الى هناك اصطدم بواقع الإستعمار وبأنه غريب في وطنه هذا ما غرس فيه النزعة الاحتجاجية كرد فعل طبيعي على ما مرَّت به الجزائر آنذاك. و كانت بداية الاحتجاج في مدرسته الجديدة و مع معلمه الفرنسي الذي تهجم على الرسول الكريم. و في سنة 1934 غادر مقاعد الدراسة بعد الفشل الأول في شهادة الأهلية ليتفرغ لمساعدة والده في مزرعة العائلة و لممارسة رياضته المفضلة كرة القدم بمسقط رأسه، و بواسطة الرياضة كان له أول إتصال بالحركة الوطنية الثورية، و كان ذلك مطلع سنة 1937 .
بن بلة و الخدمة الوطنية
في سنة 1937 أستدعي لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية التي كان قد إستعد لها بالمشاركة في فترة تدريبية بمغنية، و قد عين في وحدة قناصة الجبال بضواحي مرسيليا التي حصل فيها بعد ستة أشهر من التدريب على رتبة رقيب أين داهمته الحرب العالمية الثانية التي حالت دون تسريحه و اضطر الى البقاء و المشاركة في وحدة المدفعية المضادة للطائرات، و حصل بفضل شجاعته و استمالته على وسام صليب الحرب، لكن هزيمة الجيش الفرنسي و رضوخ حكومة فيشي عجل بتسريحه سنة 1940.
و في صائفة 1943 جنِّد من جديد في الطلائع الجزائريين بتلمسان و حوّل الى الطابور المغربي بوجدة، ثمَّ شارك في سلسلة من المعارك العنيفة لطرد القوات النازية على مستوى الجبهة الإيطالية.و قبيل إعلان الهدنة عادت وحدة بن بلة إلى مواقعها بوجدة و هناك أدركته حوادث 8 ماي 1945.
بن بلة و حوادث 8 ماي 1945
تأثر أحمد بن بلة كثيرا بحوادث 8 ماي الرهيبة و التي قال عنها أنها " احدثت شرخًا لا يلتئم بين الطائفتين الجزائرية و الأوربية"
و بعد أن وضعت الحرب أوزارها تمَّ تسريحه ليعود إلى وطنه و مدينته مغنية ليقوم بتولي شؤون المزرعة و والدته و شقيقتيه بعد أن هلك والده و اخوته الخمسة إثر وباء التيفوس الذي انتشر وقتها، و بالرغم من ثقل المسؤولية العائلية لكنها لم تمنعه من المشاركة في الإنتخابات البلدية التي جرت في أكتوبر 1947 و التي فاز فيها ضن قائمة حركة إنتصار الحريات الديمقراطية.
بن بلة و المنظمة الخاصة
في سنة 1947 قرَّر حزب الشعب في مؤتمر فبراير تأسيس المنظمة الخاصة " شبه العسكرية" ، فاختير بن بلة من بين عناصرها الأولى و في السنة الموالية اكتمل تنظيمها على مستوى الوطن، شارك بن بلة في الهجوم على مكتب بريد وهران في 1949 إلى جانب حسين آيت احمد.و قد شهدت هذه السنة انفجار مايعرف بـ" الأزمة البربرتية" التي كان من مضاعفاتها إبعاد حسين أيت احمد من رئاسة المنظمة و عُين بن بلة مكانه، و في عام 1950 و بعد حادثة تبسة الشهيرة تم إعتقال تعضاء في أركان المنظمة و من بينهم احمد بن بلة الذي اعتقل بالعاصمة و سجن بالبليدة و قد جرت محاكمته، و حكم عليه ب 7 سنوات سجن نافذة، لكنه تمكن من الفرار في أواخر مارس 1952 رفقة أحمد مهساس بمساعدة بعض المناضلين من بينهم صافي يوديسة.و في سنة 1953 قرّرت قيادة حركة الإنتصار تهريب بن بلة إلى القاهرة عبر باريس أين التقى بأحمد مهساس الذي جمع بينه و بين محمد بوضياف الهارب بدوره الى فرنسا لتولي مسؤولية التنظيم في اتحادية الحزب هناك.، و قد اتفق الثلاثة على بحث امكانية الإستفادة من الدعم العربي على كافة الأصعدة، وكلف بن بلة بمهمة نقل الأسلحة و الدخيرة إلى الجزائر.
بن بلة و جمال عبد الناصر
كان سلوك احمد بن بلة النابع من طبيعة مهمته الحيوية بما تقتضيه ظروف الحرب الثورية هو ما أكسبه شعبية كبيرة بالإضافة الى ثقة الرئيس جمال عبد الناصر الذي وضع تبعا لذلك امكانيات الثورة المصرية السياسية و الدبلوماسية و الاعلامية في خدمة الثورة الجزائرية، و كان الموقف المصري نِعْمَ القدوة لبقية الأقطار العربية. وعن رئيسها جمال عبد الناصر يقول بن بلة: "أنني أعتبره رجلا عظيماً ساهم في دعم الجزائر أكثر من أي شخص أخر، وقد كان وفيا للثورة الجزائرية في كل مراحلها، والجزائريون مدينون له ويحملونه في وجدانهم وضمائرهم".
بن بلة و لجنة الستة (06)
في يوليو 1956 اقترح بن بلة تكريس لجنة الستة كسلطة عليا للثورة مكونة من الأسماء: بن بلة، بن مهيدي، بوضياف، أيت احمد، خيضر، الدكتور الأمين الدباغين و هو الإقتراح الذي عارضه كل من خيضر و الدباغين تأكيدا منهما على سلطة الداخل العليا الوحيدة، و قد حسم التنازع بين الداخل و الخارج مؤقتا في مؤتمر الصومام، و جاء حادث اختطاف الطائرة في 22 أكتوبر 1956 حيث أعلنت حكومتي تونس والمغرب - اللاتي كانتا قد حصلتا على الاستقلال- عزمهما على التوسط بين فرنسا ومُجاهدي الجزائر، وعُقد اجتماع في الرباط بين أحمد بن بلة وأربعة زعماء جزائريين وبين محمد الخامس، استقل بعده الزعماء الجزائريين طائرة مغربية متوجهين إلى تونس لاستكمال المباحثات، بيد أن السلطات الفرنسية اختطفت الطائرة واعتقلتهم،و تم اقتياد بن بلة الى سجن فرنسي، وخلال فترة الاعتقال دخلت الجزائر في مفاوضات مع فرنسا، أسفرت عن معاهدة "إفيان" وإعلان استقلال الجزائر في يوليو 1962م.
بن بلة و الجزائر مستقلة
استقلت الجزائر و اندلعت خلافات واسعة في صفوف الثورة الجزائرية كادت أن تتحول الى حرب اهلية بين رفاق الأمس غير أن قيادة الأركان التي يترأسها هواري بومدين حسمت الخلافات الى صالحها و عيَّنت أحمد بن بلة على رأس الدولة الجزائرية الفتية، و بذلك أصبح أحمد بن بلة أو سي حميميد كما يسميه رفاقه أول رئيس للجزائر الحرة المستقلة.
عمل بن بلة بكل جدِّ من اجل عودة الجزائر إلى عربية اسلامية، ووضع حدّاً لتبعيتها للرأسمالية الغربية، بعد احتلال دام لأكثر من 130 عاماً، فاستقدم المعلمين العرب من مصر وسوريا والعراق، لتعريب التعليم في الجزائر، ونادى بضرورة إقامة الوحدة بين الدول المغاربية، وعمل على ربط بلاده بأواصر صداقة وعلاقات قوية مع الدول العربية والإسلامية. و بعد تنحيته من الحكم في 19 جوان 1965 بقي احمد بن بلة تحت الاقامة المحروسة الى غاية جويلية 1979 و بعدها تم وضعه تحت الاقامة الجبرية بالمسيلة (شرق الجزائر) قبل ان يطلق سراحه في اكتوبر1980.
بن بلة و هواري بومدين
آمن بن بلة بالفكر الاشتراكي، مما جعله يصطدم ببعض أعضاء جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، كما كان الاختلاف في بعض وجهات النظر بينه وبين رفاق الكفاح بمجلس الثورة الجزائري سبباً في شعورهم بالتهميش عقب إعلان الاستقلال، وبعد أن احتفظ بن بلة لنفسه بالعديد من المناصب الهامة، الأمر الذي أدي إلى انقلاب وزير دفاعه (هواري بومدين) عليه، وتم عزل بن بلة وتحديد إقامته في 19جوان1965م تزوج خلالها من الصحافية زهرة سلامي.
وبعد أن توفي هواري بومدين وتولى الشاذلي بن جديد السلطة، تم الإفراج عن بن بلة في عام 1980م فسافر إلى فرنسا ومنها إلى سويسرا، وطاف بالعديد من الدول العربية والأوربية، وعقب تحسن الأحوال في الجزائر عاد بن بلة مرة أخري مبدياً رأيه في السياسة الجزائرية، فطالب بحياة سياسية ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان، لكن سرعان ما غادر الجزائر مرة أخرى عقب إقالة الشاذلي بن جديد، ليعود مرة أخرى في التسعينات في عهد رئيس الحكومة بلعيد عبد السلام.
بن بلة و عبد العزيز بوتفليقة
عاد بن بلة الى الواجهة و في عام 1991 شارك في الانتخابات ليحقق نسبة ضئيلة من مجموع أصوات الناخبين و في نفس السنة احتج على قرار حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وغادر الجزائر مجددا وتوجه إلى سويسرا.
كان من بين الأوائل اللذين ساندوا مسار المصالحة الوطتية التي طبقها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، و كان منذ 2007 رئيسا للجنة العقلاء للاتحاد الافريقي و هي هيئة من اجل الوقاية والتدخل في الازمات التي تهز القارة الافريقية.
عدل سابقا من قبل Beenz في الأربعاء فبراير 04 2015, 00:32 عدل 1 مرات
Lamisse عضو فعال
المهنة : المزاج : تاريخ التسجيل : 24/03/2009
موضوع: رد: حياة الراحل أحمد بن بلة الأحد يوليو 01 2012, 02:59